ارض بما قسم الله لك تكن اغنى الناس
عليك ان تقنع بما قسم الله لك من جسم و مال وولد و سكن و موهبة, و هذا منطق القرآن ( فخذ ما ءاتيتك و كن من الشكرين ) ان غالب علماء السلف و اكثر الجيل الاول كانو فقراء لم يكن لديهم اعطيات و لا مساكن بهية, و لا مراكب, و لا حشم, ومع ذلك اثروا الحياة و اسعدو انفسهم و الانسانية, لانهم وجهوا ما اتاهم الله من خير في سبيله الصحيح, فبورك لهم في اعمارهم و اوقاتهم و مواهبهم, ويقابل هذا الصنف المبارك ملأ اعطو من الاموال و الاولاد و النعم, فكانت سبب شقائهم و تعاستهم, لانهم انحرفوا عن الفطرة السوية و المنهج الحق و هذا برهان ساطع على ان الاشياء ليست كل شيء, انظر الى من حمل شهادات عالمية لكنه نكرة من النكرات في عطائه و فهمه و اثره, بينما اخرون عندهم علم محدود, و قد جعلو منه نهرا دافقا بالنفع و الاصلاح و العمار.
ان كنت تريد السعادة فارض بصورتك التي ركبك الله فيها, و ارض بوضعك الاسري, و صوتك, و مستوى فهمك, و دخلك, بل ان بعض المربين الزهاد يذهبون الى ابعد من ذلك فيقولون لك: ارض باقل مما انت فيه و دون ما انت عليه.
و الانبياء الكرام صلوات الله و سلامه عليهم, كل منهم رعى الغنم, و كان داود حدادا, و زكرياء نجارا, و ادريس خياطا, و هم صفوة الناس و خير البشر.
اذا فقيمتك مواهبك, و عملك الصالح, ونفعك, و خلقك, فلا تأس على ما فات من جمال او مال او عيال, و ارض بقسمة الله ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ).
ارض بقضاء الله و قدره:
( ماأصاب من مصيبة في الارض و لا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها), جف القلم, ورفعت الصحف, قضي الامر, كتبت المقادير, ف(قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا), ما اصابك لم يكن ليخطئك, و ما أخطأك لم يكن ليصيبك.
ان هذه العقيدة اذا رسخت في نفسك و قرت في ضميرك صارت البلبلة عطية, و المحنة منحة, و كل الوقائع جوائز و اوسمة " ومن يرد الله به خيرا يصب منه" فلا يصيبك قلق من مرض او موت قريب, او خسارة مالية, او احتراق بيت, فإن الباري قد قدر, و القضاء قد حل, و الاختيار هكذا, و الخيرة لله, و الاجر حصل, و الذنب غفر. هنيئا لاهل المصائب صبرهم و رضاهم عن الاخذ, المعطي, القابض, الباسط, ( لا يسئل عما يفعل و هم يسئلون).
ولن تهدأ اعصابك, و تسكن بلابل نفسك, و تذهب و ساوس صدرك؛ حتى تؤمن بالقضاء و القدر, جفةالقلم بما انت لاق, فلا تذهب نفسك حسرات, لا تظن انه كان بوسعك ايقاف الجدار ان ينهار, و حبس الماء ان ينسكب, ومنع الريح ان تهب, و حفظ الزجاج ان ينكسر هذا ليس,بصحيح على رغمي و رغمك, و سوف يقع المقدور, و ينفذ,القضاء, و يحل المكتوب( فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر).
استسلم للقدر قبل ان تطوق بجيش السخط و التذمر و العويل, اعترف بالقضاء قبل ان يهدمك سيل الندم, اذا فليهدء بالك اذا فعلت الاسباب, و بذلت الحيل, ثم وقع ماكنت تحذر, فهذا هو الذي كان ينبغي ان يقع, و لا تقل: " لو اني فعلت كذا لكان كذا و كذا, و لكن قل: قدر الله و ماشاء فعل".
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق