ما هو مفهوم الإدمان على المخدرات وماهي مخاطره وكيفية علاجه ؟

لا يخلو مجتمع في عالمنا من مشكلة اﻹدمان على المخدرات؛ على الرغم من التنوع الثقافي والديني و اختلافات مستويات المعيشة والحريات إلا أن الإدمان على المخدرات من أكبر المشاكل التي تضرب بعمق صلب كل المجتمعات؛ لذلك خصصنا هذه المقالة لمعرفة ما هو مفهوم اﻹدمان على المخدرات وما هي مخاطره وكيفية علاجه؟
ما هو مفهوم اﻹدمان على المخدرات؟
الإدمان على المخدرات مرض مزمن يصيب مراكز الإحساس والشعور في المخ بشكل أساسي والتي تعتبر هي المسؤلة عن الشعور بالمتعة والتحفيز، الحزن، الغضب وغيرها من المشاعر التي تتحكم في معاملاتنا اليومية؛ مما يؤثر على سلوك المدمن وحالته العقلية فيصبح أسير تلك المادة المخدرة فلا يمكنه مقاومة اﻹحتياج إليها ولا يملك القوة للتوقف عن تعاطيها حتى وإن أراد ذلك.
كما أن للإدمان على المخدرات تأثير سلبي سواء بشكل مباشر أوغير مباشر على مختلف أعضاء الجسم، لكن على الرغم من المخاطر الصحية والعقلية التي يسسببها الإدمان على المخدرات إلا أنه من الممكن علاجه والوقاية منه.
مشكلة الإدمان على المخدرات وكيفية تأثير المواد المخدرة على المخ
تقوم المادة المخدرة بالتغيير في كيمياء المخ وبالتالي يحدث خلل في عمليات تبادل اﻹشارات والرسائل بين الخلايا العصبية في الدماغ وهنا لا يقوم المخ بأداء وظائفه بشكل طبيعي مما يؤثر على الحالة المزاجية والسلوكية لدى المدمن ومع طول فترة اﻹدمان تتأثر باقي وظائف المخ المختلفة مثل عمليات اﻹدراك والوعي والتعلم وغيرها.
مثلا تعد مادة الدوبامين وهي أحد أنواع النواقل العصبية و المسؤولة عن الشعور بالمتعة، فتقوم المواد المخدرة بالتحكم في تركيز الدوبامين داخل الدماغ من خلال تحفيز عملية إنتاجه فيزداد الدوبامين بشكل غير طبيعي مما يكسب الشخص المتعاطي المزيد من مشاعر المتعة والسعادة منفصلا بذلك عن الواقع الذي أراد الهروب منه بدلا من مقاومته، وهذا مسعى كل متعاطي للمخدرات الوصول إلى حالات المتعة الدائمة.
كيف يتعامل المخ مع المواد المخدرة؟
يحدث في مقابل الزيادة غير الطبيعية للدوبامين أمران كردة فعل من الدماغ على تدخل هذه المادة المخدرة:
أولا- يبدأ الدماغ في السيطرة على هذه الزيادة بإغلاق مستقبلات الدوبامين على الخلايا العصبية وهنا تفقد المادة المخدرة جزء من تأثيرها؛ فلم يعد الشخص المتعاطي يشعر بنفس الإحساس بالمتعة عند تعاطيه لنفس جرعة المخدر السابقة فيبدأ في زيادة الجرعة بشكل مستمر ليصل لنفس درجة المتعة.
ثانيا- مع استمرار تعاطي المخدرات يتوقف الدماغ عن إنتاج الدوبامين بالمحفزات الطبيعية الخاصة بالجسم ويعتمد بشكل أساسي على المخدرات لإنتاجه وهذا ما يسبب الإدمان وحالة العوز الدائمة للمخدرات وهي ما تسبب حدوث أعراض الإنسحاب في حالة التوقف عن تعاطي المخدرات.
كيف يحدث الإدمان على المخدرات؟
في الحقيقة لا يحدث اﻹدمان بقرار مسبق بمعنى أن الأشخاص المصابون باﻹدمان لا يصبحون مدمنين برغبتهم بل يحدث كنتيجة أولية لتعاطي المخدرات مع وجود محفزات وعوامل أخرى؛ أما التعاطي فيحدث بإرادة وقرار من الشخص فيقدم عليه طوعا.
ولذلك فإن أسباب تعاطي المخدرات عند الشباب والمراهقين تعتمد في الأساس على طبيعة الشخص المدمن والظروف المحيطة به فهناك نوعان من الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات:
النوع الأول هو من يُقبل على تعاطي المخدرات دون معرفة ووعي كافي بمخاطرها وأغلب معلوماته عنها تكون مغلوطة وأكثرهم من الأطفال والمراهقين ويكون السعي وراء التعاطي هو التجربة والحصول على المتعة ومنهم من يعتبرها نوع من أنواع النضوج.
النوع الثاني هو من يكون على دراية تامة بمخاطرها لكنه يلجأ إليها إما لهروب من بعض المشكلات الحياتية التي لايستطيع مواجهتها أو كعلاج لبعض الأمراض والضغوطات النفسية، وسنعرض هنا أهم مخاطر الإدمان على المخدرات ونتائجها السلبية صحة الشباب العقلية والجسدية.
مخاطر الإدمان على المخدرات ونتائجها السلبية على صحة الشباب العقلية والجسدية
عندما يصاب متعاطي المخدرات بالإدمان فإنه يصبح في مواجهة مباشرة مع مخاطر اﻹدمان ونتائجه السلبية على صحته الجسدية والنفسية وعلاقاته اﻹجتماعية وهنا يبدأ المتعاطي ومن حوله مرحلة جديدة من المعاناة لذلك علينا معرفة ما هو تأثير المخدرات على سلوك الشباب وما هي نتائج الإدمان على المخدرات.
1- مخاطر الإدمان على المخدرات الجسدية
- -الإرهاق والضعف العام وعدم قدرة المدمن على القيام بمهامه اليومية بصورة طبيعية كما كانت في السابق.
- - إرتفاع ضغط الدم والتعرض للجلطات وأمراض المخ والسكتات الدماغية والقلبية.
- - التعرض لمشاكل الجهاز الهضمي منها(تقرحات المعدة، تسمم الكبد، الكبد الدهني).
- - اﻹدمان على المخدرات أحد أهم عوامل الخطر التي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض السرطانية كسرطان الكبد والبنكرياس والأمعاء والفم.
- - الموت أخطر نتائج اﻹدمان على المخدرات.. يسبب اﻹدمان على المخدرات الوفاة للشخص المدمن سواء بشكل مباشر من خلال الأمراض كالسكتات الدماغية و القلبية وغيرها من الأمراض الخطيرة أو بشكل غير مباشر نتيجة تعريض الشخص المدمن نفسه لبعض المخاطر التي تتسب في وفاته كالحوادث أو إقدامه على الإنتحار.
2- مخاطر إدمان المخدرات على الصحة اﻹنجابية
يؤثر الإدمان على المخدرات بشكل سلبي على حالة الخصوبة والإنجاب لدى النساء والرجال فيؤدي في بعض الأحيان للعقم ولأحيان كثيرة لتشوه الأجنة و الإجهاض أو ولادة أطفال مصابون بأمراض عديدة وعيوب خِلقية.
3- مخاطر إدمان المخدرات على سلوك الشباب
نظرا للاضطرابات النفسية والعقلية للشخص المدمن؛ فإن هذا يؤثر على سلوكه وتصرفاته فتحدث العديد من المشاكل الإجتماعية والمادية بل وقد تصل به الحال لإرتكاب بعض الجرائم أو الإقدام على الإنتحار.
4- مخاطر الإدمان على المخدرات النفسية
يسبب الإدمان على المخدرات اضطرابات نفسية عديدة منها الإكتئاب وتغير الحالة المزاجية أيضا العزلة القلق وقلة النوم والعصبية الشديدة.
5- مخاطر الإدمان على المخدرات العقلية
كما ذكرنا من قبل إن تعاطي المخدرات والإدمان عليها يؤثر بشكل أساسي على خلايا الدماغ فتسبب خلل في وظائف المخ المسؤولة عن المشاعر؛ فتحدث اضطرابات مزاجية ونفسية ولكن مع إستمرار التعاطي وطول مدة الإدمان تتأثر باقي وظائف المخ الخاصة بالإدراك والتعلم والنشاط العقلي وقد يحدث خلل في وظائف المخ دائم فيسبب عدد من الأمراض العقلية الخطيرة كالذهان والفصام والإكتئاب والتي بالضرورة ستغير حياة الشخص المدمن بشكل كبير على المستوى الإجتماعي والعملي.
كيفية علاج الإدمان على المخدرات
تختلف الكيفية أو الإستراتيجية التي يتم اتباعها في علاج الإدمان على المخدرات من مكان إلى أخر ولكن هناك أسس ثابتة في علاج إدمان المخدرات أهمها:
-إزالة المخدرات وآثارها من جسد المدمن
في هذه المرحلة يتوقف المدمن عن تعاطي المخدرات ويستخدم المختصين بعض الأدوية والعقاقير التي لها تأثير أقل وبجرعات قليلة حتى يتم سحب المادة المخدرة وسمومها من الجسد تدريجيا وهنا تبدأ أعراض الإنسحاب والتي تكون بالنسبة للمريض مؤلمة ويصعب عليه تحملها وتخطيها بمفردة لذلك تتم هذه الخطوة داخل مراكز علاج الإدمان.
-علاج أعراض الإنسحاب
عند توقف المريض عن تناول المادة المخدرة التي إعتاد عليها جسده ودماغه تبدأ تغيرات عديدة تحدث داخل الجسد فتظهر عدد من الأعراض على المريص منها:
أعراض جسدية (تشنجات وألم في العضلات، القيء وآلام البطن، ألم في العظام، إرتفاع ضغط الدم التعرق الشديد).
-أعراض عقلية (الدماغ تحدث هلاوس وحالات من الاضطراب النفسي قد تؤدي لحدوث إكتئاب والرغبة في الإنتحار).
ويتم استخدام بعض أنواع الأدوية والعقاقير للتخفيف من حدة الأعراض التي يسببها الإنسحاب وأيضا لعلاج بعض الامراض العقلية الاخرى التي يعاني منها المدمن سواء كانت أحد نتائجالإدمان على المخدرات أو سبب من أسباب تعاطي المخدرات والإدمان عليها على سبيل المثال الإكتئاب، الواس القهري والفصام.
- العلاج النفسي والسلوكي والعلاج التحفيزي المعزز
من أهم الخطوات لعلاج الإدمان لأنه من خلالها يتم حماية المريض من الرجوع مرة أخرى لتعاطي المخدرات أو ما يعرف بالإنتكاسة؛ فيتم الإعتماد في هذه الخطوة على معرفة الأسباب التي دفعت المدمن لتعاطي المخدرات ومن ثم الإدمان عليها، و أيضا فهم طبيعة المريض النفسية والشخصية والتي من خلالها يتم دعم ومعالجة المريض نفسيا حتى يستطيع مواجهة نفس المشاكل التي تعرض لها في السابق بدلا من الهروب منها باللجوء لتعاطي المخدرات.
- جلسات الدعم النفسي
وتعتبر هذه المرحلة ضمن مراحل التعافي التي يعتمد فيها المريض على نفسه في استكمال البرنامج العلاجي من خلال الإنضمام لجلسات الدعم والتي تضم عدد من الأشخاص الذين تعرضوا لتجربة الإدمان أو ممن هم في مرحلة التعافي أيضا وذلك لتبادل الخبرات والتجارب فيما بينهم، كما يعتمد المريض في هذه المرحلة على الإستشارات الطبية وتلقي النصائح من المختصين في حين واجهته بعض المشاكل.
يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق