قصة سيدنا يوسف علية السلام بنظرة تحليلية ( 9 )

 قصة سيدنا يوسف علية السلام      

 

     

قصة سيدنا يوسف علية السلام
قصة سيدنا يوسف علية السلام

 

فلما تبين أن القميص قد

تمزق من الخلف لزا الصمت وقد اعتراه شعور بالأسى

ولكنه أسى العاجز الذى لا يستطيع أن يتخذ أى إجراء قبل زوجته اللعوب الكاذبة

  فمضى الرجل فى حديثة عن الاثنين فقال ليوسف (  يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَـٰذَا‌ۚ  )  يعنى أن يدعه من كيدها له وباتهامه بمحاولة اغتصابها

وأن لا يذكر ما حدث لأحد ولا يعبر تهديدها له بالسجن أو العذاب الأليم أى اهتمام بعد ما تبين بوضوح أنها خاطئه وكاذبة.

 

ثم التفت إليه قائلا (  وَٱسۡتَغۡفِرِى لِذَنۢبِكِ‌ۖ ) حيث اتهمته ظلما

 وحاولت أن تراوده عن نفسه ( إِنَّكِ ڪُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔينَ  ) أى من جنس المجرمين مرتكبى الخطايا المتعمدين  لها 

ولهذا أغلب فيه جمع المذكر فلم يقل من الخاطئات 

 وبالتالى فإن ملف القضية قد أغلق   ولكن الذى حدث جعل الملف مفتوحا لأن المرأة العنيدة المصرة على بلوغ مأربها من الفتى

أرادت ذلك وجارها زوجها فيما أرادت وما ذلك إلا لأن الحكمة التي أرادها الله من كل ما حدث ليوسف لم تكن قد تحققت بعد . 

 

 

ونتصور  أن يوسف أخذ بنصيحة الشاهد له ومضى الى المكان المخصص له فى بيت سيده

وهو لا يصدق أنه  أفلت من الاتهام الخطير الذي وجهته الية المرأة وتخلص من مطاردتها له من أجل أن يضاجعها

وأخذ يشكر الله على أنقاذه له ويدعوه أن يخرجه من هذا البيت على خير وأن يهدى المرأة العاصية و يقيه شرها.

 

 

وبطبيعة الحال لم يكن بمقدور يوسف أن يترك بيت سيده لأنه كان عبدا مشتري  لا يتاح له ترك البيت إلا بإحدى وسيلتين :

الأولى - أن يعتقه سيده 

والثانية  أن يبيعه  ولو كان العزيز بعيد النظر

كما قيل عنه لبادر إلى اتخاذ خطوة من الاثنين خاصة بعد أ ثبت أن زوجته هي المذنبة المراودة للفتى عن نفسه

وأنها لن تتورع على أن تعيد الكره طالما كان الفتى معها  ولكنه لم يفعل لأمر الله تعالى أما المرأة فإنها انصرفت الى غرفتها

وهى تكاد تتهكم على الشاهد وتسخر  مما قاله لها فلم تستغفر لذنبها كما طلب منها بل عقدت العزم على أن تنال مأربها من الفتى.

 

 

مهما كانت العواقب ولم يكن غريبا أن ينتشر أمر الجريمة النكراء التي ارتكبتها امرأة العزيز في  المدينه ---- كيف ؟؟

والناس مولعون فى كل زمان ومكان بمعرفة آخبار كبار القوم والمشاهير فى كل علم وفن

وهذا عزيز مصر الوزير الكبير وزوجته الصغيرة السن التي تتدفق أنوثة وجاذبية يراهما الناس

فيتساءلون الناس فى مكر وفضول أن كانا سعيدين حقا أم أنهما يتصنعان السعادة ؟؟ !!

 

 

ويتتبعون أخبارهما ليتأكدوا من صحة ذلك  ولم يكن العزيز وزوجتة يقيمان وحدهما فى البيت الكبير

 وأنما كان معهما فضلا عن يوسف عدد كبير من الخدم على اختلاف تخصصاتهم منهم من يقوم بأعمال النظافة

ومن يقوم بإعداد الطعام ومن يقومون بتقديمه ومن كان عملهم فى خدمة الزوج الوزير.

 

 

ومن هم فى خدمة الزوجة المدللة وغير ذلك الكثير من الاعمال التى لا يعرفها إلا سكان القصور

ولا شك أن بعض هؤلاء كان قد لاحظ ما لدى المرأة من ميل الى الفتى يوسف يجعلها تتعقبه بنظراتها

وتهتم بأمره وتوصى به الأخرين ليقدموا له خير ما لديهم من طعام وشراب ولا تملك أن تدارى هلعها حين يمرض وقلقها حين يشكو أو يتبرم.

 

 

ولا نظن أن  امرأة العزيز قامت بإخلاء القصر من كل من كان به من الخدم فى اليوم الذى عزمت فيه على الإيقاع بيوسف فى حبائلها

وإنما اكتفيت وإبعادهم الى أماكن ملحقة بالقصر كالمطبخ والأماكن المخصصة لمبيتهم  وغير ذلك ظنا منها أن الامر سيمر فى هدوء مع الفتى المتمرد

ولم يدر بخلدها أن شجارا سيقع ومطاردة محمومة سوف تجرى ترتفع خلالها الأصوات لتصل الى مسامع الخدم

بل فاتها أيضا توقع أن يقوم بعض الفضوليين لا بالتنصت وحسب بل بالتطلع من خلال ما قد يوجد فى فتحات صغيرة فى الأبواب والنوافذ المغلقة.

 

 

ليروا ما يحدث بيت السيدة وعبدها الذي أبقت عليه وحدة معها فسمعوا أو شاهدوا ما حدث  وتناقلوه وكلهم دهشه من تصرف سيدتهم الغريب واستنكار لسلوكها الشاذ

وعاده ما يتلقى الخدم أما فى الاسواق حيث يبتاعون ما يحتاج الية سادتهم

وأما فى المعابد أو الاحتفالات وأما الزيارات التى يقومون بها لبعضهم البعض من وراء ظهور سادتهم فيتبادلون ما لديهم من أخبار تخص هؤلاء السادة

وهكذا وصل خبر إمرأة العزيز ---

 

نرجع إلى تفسير الشيخ الشعراوى 

( قَالَتۡ مَا جَزَآءُ مَنۡ أَرَادَ بِأَهۡلِكَ سُوٓءًا إِلَّآ أَن يُسۡجَنَ أَوۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ۬ ) هى من غيظها 

من أن يوسف رفض مراودتها له وفضحها أمام زوجها تريد أن تعاقبة ( لو كانت على حق على أنه هو الذي راودها لقالت لزوجها أقتله ).

 

 

ولكن قالت أسجنة أو عذبة وهنا رد يوسف علية السلام (قَالَ هِىَ رَٲوَدَتۡنِى عَن نَّفۡسِى‌ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ۬ مِّنۡ أَهۡلِهَآ )

أذن  فهى أدعت أنه حاول أن يعتدي عليها

وكلمة شهد جاءت فى القرأن الكريم بمعان متعددة : جاءت بمعنى حضر

---- وجاءت بمعنى أخبر الله سبحانة وتعالى يقول ( وَلۡيَشۡہَدۡ عَذَابَہُمَا طَآٮِٕفَةٌ۬ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ  ) النور 2

أى وليحضر عذابهما طائفة من المؤمنين

وجاءت بمعنى أخبر فى قولة تعالى (  ٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰٓ أَبِيكُمۡ فَقُولُواْ يَـٰٓأَبَانَآ إِنَّ ٱبۡنَكَ سَرَقَ وَمَا شَہِدۡنَآ إِلَّا بِمَا عَلِمۡنَا وَمَا ڪُنَّا لِلۡغَيۡبِ حَـٰفِظِينَ ).

 

 

وتأتى شهد بمعنى حكم (  شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ ۥ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰٓٮِٕكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآٮِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِ‌ۚ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَڪِيمُ ) ال عمران 18

أى أن الله حكم وقضى أنة لا الة الا هو أو شهد أى رجح كلاما على كلام لاستنباط حق والوصول الى حقيقة بين وجهتي نظر متعارضتين 

-- الحق يقول ( وَشَهِدَ شَاهِدٌ۬ مِّنۡ أَهۡلِهَآ ) أى أنة يوثق لشهادة بقرابتة لامرأة العزيز بأنة من أهلها

وليس من أهل يوسف ولن ينحاز الية ولو كان من ناحية يوسف لردت شهادته على أنه منحاز ليوسف لانة من أهله ما هى الشهادة.

 

 

-- الله سبحانة وتعالى يقول ( ‌ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ۬ مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ ۥ قُدَّ مِن قُبُلٍ۬ فَصَدَقَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلۡكَـٰذِبِينَ (٢٦)

وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ ۥ قُدَّ مِن دُبُرٍ۬ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ  )

نلاحظ أنه بدأ بالافتراض الذى هو فى صالح أمراة العزيز --- يجعلها صادقة ويوسف كاذب 

( إِن كَانَ قَمِيصُهُ ۥ قُدَّ مِن قُبُلٍ۬ ) لماذا ؟؟؟ لأنة فى هذة الحالة يكون هو المقبل عليها 

-- وهى التى تحاول الفرار منه والدفاع  عن نفسها فهى إما من المقاومة تقطع لة القميص من الأمام أو هو قد يكون من الاستعجال والمقاومة

بحيث يدوس هو نفسه على قميصه من الأمام  فيمزقة

إذن الاحتمال الوحيد لأن يكون يوسف هو الذى حاول الاعتداء عليها أن يكون قميصه ممزقا من الأمام

لأنه لا يمكن وهو مقبل عليها أن يكون قميصه ممزقا من اى جهة اخرى

( وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ ۥ قُدَّ مِن دُبُرٍ۬ فَكَذَبَتۡ وَهُوَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ  ) هذة هى الحجة التى قدمها الشاهد لتفصل بين قولين متعارضين.

 

 

قول يوسف وقول امرأة العزيز

ثم يقول الحق سبحانة وتعالى (  فَلَمَّا رَءَا قَمِيصَهُ ۥ قُدَّ مِن دُبُرٍ۬ قَالَ إِنَّهُ ۥ مِن ڪَيۡدِكُنَّ‌ۖ إِنَّ كَيۡدَكُنَّ عَظِيمٌ۬ )

أذن فالشاهد أصدر حكمة أولا قبل أن يرى القميص وأعطى الافتراض والدليل على كل منهما ورتب على رؤيتة للقيص ترجيح حكم على الآخر

ولذلك قال الحق سبحانة وتعالى (  فَلَمَّا رَءَا قَمِيصَهُ ) دليل  على ان المراة كيدها عظيم وضعفها اعظم  

حينما عرف العزيز أن امراتة ارادت  ان تخونة مع يوسف وان يوسف صادق وامراتة كاذبة

قال كما يروى لنا القران الكريم ( يُوسُفُ أَعۡرِضۡ عَنۡ هَـٰذَا‌ۚ وَٱسۡتَغۡفِرِى لِذَنۢبِكِ‌ۖ إِنَّكِ ڪُنتِ مِنَ ٱلۡخَاطِـِٔينَ ).

 

 

اى ان العزيز طلب من يوسف ألا يتحدث فى هذا  الامر ابدا حتى لا تسوء سمعة العزيز

وقال إلى زوجته لقد أذنبت وكنت من الخاطئين فاستغفرى لذنبك

المهم ان الخبر انتشر بين النساء كيف خرج الخبر من القصر ؟

هذه  مسالة لا نعرف عنها شئ فيوسف لن يقول عن نفسه وامرأة العزيز لا تقول عن نفسها 

فهل الشاهد هو الذي قال ؟ ان الخدم حينما سمعوا الضوضاء تنصتوا فعرفوا القصة

المهم ان الخبر خرج من قصر العزيز الى نساء المدينة بطريقة ما وأبلغ اليهن 

ولنا ان شاء الله لقاء فى المرة القادمة لنرى ردود أفعال نساء المدينة

فلا تنسونا من صالح دعائكم

 

 

أعجبك المقال , قم بالان بالاشتراك في النشرة البريدية للتوصل بالمزيد

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لتستطيع كتابة تعليق

مقالات مشابة
عن الناشر
مقالات رائجة
أبريل 18, 2024, 10:49 ص عبدالرحمن
أكتوبر 12, 2022, 11:29 ص Business man